ما هي المينماليزم ومن هم المينماليستس؟

محتويات المدونة

مينماليزم (Minimalism) حرفيًا تعني: التقليلية والمينماليست (Minimalist) هو الذي يتبنى نمط الحياة هذا، ويقال له: التقليلي.

إذن، ما هي التقليلية بالضبط؟

 

التقليلية (أو التقلل) هي أن تقتصر حياتك على الماديات والجوانب المهمة فقط. أي أن كل ليس (ضروريًا) يعتبره التقليليون مجرد زيادة عبء يؤدي إلى تعقيد حياتك بدلًا من تسهيلها.

 

فيقصرون حياتهم على ما يحتاجونه فقط. قد يُضاف إلى الاحتياجات الأساسية أيضًا الأشياء التي تشعل السعادة في قلوبنا في كل مرة نراها أو نستخدمها. مثلًا لا تُعتبر الحيوانات الأليفة أو النباتات المنزلية ضرورية للحياة! لكن إذا كانت تُشعرنا بالسعادة في كل مرة نراها فيعتبرها التقليليون من ضمن الأمور التي لا تُعتبر عبئًا حياتيًا على حياتهم. 

ربما تتسائلون الآن، هل تُعتبر الأحذية اللانهائية وفساتين المناسبات التي نردتيها لمرة وحدة من ضروريات الحياة أو من الأمور التي تُسعدنا؟

هنا يستوقفنا التقليليون لنعيش لحظة صراحة مع أنفسنا، هل نحن نشتري هذه الشكليات من أجل أن يرانا الآخرون أم نشتريها من أجل ذاتنا وسعادتنا الذاتية؟ أعرف جيدًا – أنا عبير – أن اجابتكم الأولى ستكون (أنا أشتري الأشياء عشاني مو عشان أحد!).

لكن صدقًا، لو كنا نشتري مُختلف الألبسة، ونُجدد اكسسواراتنا، ونُغيّر ديكور منزلنا باستمرار، لو كنا صدقًا نفعل كل هذه الأشياء من أجل أنفسنا، هل لو كانت حياتنا (مثل ما هي في الحظر الآن XD) بدون زيارات وبدون حظور مناسبات وبدون دوامات، هل كنا سنتشري هذه الأشياء؟ هل كنا سنتشري حذاء من ماركة معينة بالسعر الفلاني لنرتديه في بيوتنا بدون أن يراه أي أحد وبدون أن نصوره في وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل كُنا سنرتدي بيجامات وملابس نوم متنوعة وكثيرة ومن علامات تجارية فارهة ونلبسها لوحدنا بدون أن يراها أي شخص آخر؟

فكروا في كل شيء تمتلكونه، لو كانت حياتنا بدون الآخرين، ما هي الأشياء التي ستتخلون عنها؟ ماذا ستصبح أولوياتنا إذا كانت حياتنا (لنا) ونسينا مبدأ (إلبس للناس)؟

من أوجب علينا أن (نتقيد) بقاعدة (فستان جديد لكل مناسبة)؟ من (فرض) علينا أن لا نخرج من منازلنا إلا بحقيبة من العلامة التجارية الفلانية وإلا فنحن أقل مستوى من غيرنا؟ من أجبرنا أن تكون مجالسنا وضيافتنا التي نقدمها أن تكون بمعايير معينة وإلا فهي دون مستوى استقبال الزوار؟

إن الأساس من التقلل هي أن (نُحرّر) أنفسنا من كل القيود المجتمعية الحمقاء التي تُرهقنا كل يوم. التقليلية هي حرفيًا: الحرية.

أن تصبح حر نفسك، حر لبسك، حر شكلك، حر بيتك، حر مساحتك الشخصية.

هي ألا تأبه بما ينتظر منك المجتمع أن تكون وأن تفعل وأن ترتدي وأن تمتلك. تعيش بما (تحتاج) وما (يُسعدك) ولا أكثر!

قد تخلطون الآن بين التقشف والزهد وبين التقلل. وربما قد يلتقيان في نقطة معينة. إلا أن التقشف يكون لأسباب اقتصادية، والزهد يكون لأسباب دينية، بينما التقلل يجمع بين كل هذه الأسباب.

فأنت ستكون حرًا لأنك لم تعد مقيدًا بوظيفة تكرهها حتى توفر مصروفاتك الكبيرة التي تحتاج لها فقط لتعيش بمستوى معيشي معين أو أن تُنافس اجتماعيًا من هم بمستوى معين. فستختار الوظيفة أو العمل الحر المريح لك حتى لو كان دخله أقل لأنك الآن ستكون مصاريفك أقل (بشكل لا تتخيله) عندما تعيش لترضي نفسك واحتياجاتك ولا تأبه بما ينتظر منك الآخرون أن تكون عليه.

 

أنت ستكون حرًا لأنك الآن سيكون لديك وقت فراغ أكبر تقضيه في استكشاف ذاتك، في قربك من ربك (هنا يرتبط مع الزهد بحيث أن الحياة لم تعد تشغلك كما كانت من قبل)، وقت أكبر لصحتك! تتخيل أولئك الذين لديهم وقت يومي لممارسة الرياضة وقراءة كتاب واسترخاء وووو ؟ ستستطيع حينها أن تكون واحدًا منهم ..

أنت ستكون حرًا لأن مشاكلك ستكون أقل.. وأستطيع شخصيًا بأن أجزم على أن هذا أول شيء ستلاحظته عندما تتبنى نمط الحياة التقليلي! تخيل بكل بساطة أن لديك ١٠ أجهزة منزلية في المطبخ (خلاط، عصارة، عجانة، محمصة، مطحنة، محضرة طعام، فرامة، شواية، صانعة قهوة، غلاية، برادة، ثلاجة، فرن، مايكرويف، قلاية، قدر الضغط الكهربائي، غسالة الصحون). بلا شك أن على الأقل ٨٠٪ من هذه الأجهزة موجودة في معظم منازلنا. كم تتطلب صيانة هذه الأجهزة وشراؤها من وقت وجهد وطاقة؟ أولا ستكون قد صرفت مبالغ طائلة لشراء كل هذه الأجهزة، كما سيتغرق منك وقتًا وجهدًا لكي تختار الجهاز المناسب بالسعر المناسب، كم من المساحة ستحتاجها في مطبخك حتى تهيأ مكانًا لجميع هذه الأجهزة؟ ستحتاج إما إلى مطبخ كبير أو ستزيد مطبخك الصغير ضيقًا (وحوسة). كم ستتطلب منك العناية في هذه الأجهزة بعد كل استخدام؟ تنظيف، تجفيف، إعادة القطع الإضافية إلى مكانها. كم سيتطلب منك جهدًا نفسيًا وذهنيًا وماديًا لصيانة هذه الأجهزة إذا تعطل شيء منها أو ربما شراء غيرها؟

ماذا لو اقتصرت أجهزتك مطبخة على الأجهزة الضرورية التي تستخدمها يوميًا أو شبه يوميًا (الثلاجة، الفرن مثلًا، أو العجانة إذا كنت تحب العجن دائمًا). وعلى الأجهزة التي لا تستطيع أن تستغني عنها حتى لو كان استخدامك لها قليلًا (خلاط مثلًا لأنه لا بديل يدوي له)، أو الأجهزة التي تجلب لك السعادة فعلًا (صانعة القهوة مثلًا).

هل تستطيع أن تستغني عن الشواية؟ نعم. أستطيع أن أشوي في الفرن حتى لو اختلف الطعم قليلًا. هل تستطيع أن تستغني عن غسالة الصحون؟ نعم أسرتي صغيرة، أو نعمل معظم اليوم خارج المنزل ولا نستخدم الكثير من الصحون. هل تستطيع التخلي عن الغلاية؟ نعم سأستخدم الفرن لغلي الماء .. وهكذا ..

طبعًا هذه مجرد أمثلة! لا يوجد قاعدة في التقليلية تقول (لا تشتري غلاية وإلا لن تكون تقليليًا!).

لا يوجد شيء من هذا القبيل!

فقط تأمل حياتك بهذا الشكل، وتخيل الكم الهائل الذي ستخرجه من منزلك. يا الله كم أصبحت شقتي (التي كنت أرها صغيرة ولا تكفي ما أحتاجه) كبيرة الآن! اكتشفت أني لا أحتاج إلى طاولة الطعام ذات الـ ٦ مقاعد المخملية والطاولة الرخامية الضخمة التي أصبحنا نتجنب الأكل عليها خوفًا من أن تتسخ عندما تأكل معنا طفلتنا التي نضل نوبخها حتى لا تترك أثرًا على الطاولة الثمينة! عندما بعت الطاولة، اكتشفت أيضًا كم ارتحت من تنظيفها والعناية بها! وكيف أخذت بنتي تجري في الصالة بحرية وسعادة لاتساع المساحة، لقد أصبحت مساحة قدرها ٢.٥*١.٨ متر فارغة وحرّة!

ستصبح دواليب ملابسك أوسع، وستنزل إلى السوق لتستمتع بالتجربة لا لتكون مجبرًا على استجداء السعادة مما ستشتريه.

لقد أخرجت أكياسًا وأكياسًا من منزلي كنت لا أتخيل أنني سأستطيع أن أعيش بدون كل هذا. وها أنا الآن، بعد سنتين من أسلوب الحياة التقليلي أخبركم بأنني أستطيع العيش وأنني سعيدة جدًا!

حررًوا أذهانكم، ومساحاتكم، وأوقاتكم، وحتى جيوبكم من أعباء الحياة التي يفرضها علينا المجتمع. ابحثوا عن التقليلية واستكشفوها أكثر. اجعلوا هذه المقالة تكون بمثابة خطوة أولى نحو حياة أكثر حرية، سافروا، ادعوا، اقرأوا، ارقصوا، فالحياة جميلة ببساطتها وحريتها. والحياة عظيمة، وكبيرة، أكبر من حقيبة، وفستان، وبناء بيت العمر ..

عبير